إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف logo لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
shape
محاضرات في شرح نواقض الإسلام وكتاب الجنائز من صحيح البخاري
37064 مشاهدة print word pdf
line-top
باب الرجل ينعي إلى أهل الميت بنفسه

قال رحمه الله: باب الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه.
حدثنا إسماعيل قال: حدثنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، خرج إلى المصلى فصف بهم، وكبر أربعا .
حدثنا أبو معمر حدثنا عبد الوارث حدثنا أيوب عن حميد بن هلال عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب، وإن عيني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لتذرفان، ثم أخذها خالد بن الوليد من غير إمرة ففتح له .


النعي: هو الإخبار بموت الميت، حتى يستعد لتجهيزه إن كان قريبا، أو حتى يترحم عليه إن كان بعيدا، ففي الحديث الأول: أنه صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي يوم موته، النجاشي هو ملك الحبشة ومعنى نعيه: الإخبار بموته.
قد يطلق النعي على النياحة، ولكن النياحة لا تجوز؛ فالنعي: هو مجرد الإخبار، أخبر بأنه مات، ثم أمرهم بأن يصلوا عليه صلاة الغائب، النجاشي كان قد أسلم، وصدق النبي صلى الله عليه وسلم وتعلم من المهاجرين الذين هاجروا إلى الحبشة وعمل بما بلغه من الشرع، وكاتب النبي صلى الله عليه وسلم وأهدى إليه، وزوجه بأم حبيبة لما مات زوجها، ودفع صداقها من قبله، فدل ذلك على أنه من المسلمين؛ فلذلك أمر بالصلاة عليه، لما خرج صفهم خلفه، وصلى عليه، وكبر أربعا.
في الحديث الثاني: قصة غزوة مؤتة الجيش الذي أرسلهم النبي صلى الله عليه وسلم لقتال الروم في سنة سبع من الهجرة أمر عليهم ثلاثة واحدا بعد واحد، ولما أمرهم قتلوا، أي: قتل أولئك الثلاثة، فأوحى الله إليه وأخبره فخطب الناس وعيناه تذرفان، يعني: يبكي، فقال: أخذها زيد يعني: أخذ الراية كأمير زيد وهو زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقال له: حب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني: محبوبه الذي يحبه والذي يطلق عليه أنه حبه؛ لأنه كان قبل قد تبناه، أي: جعله كابنه، فكان يدعى: زيد بن محمد حتى أنزل الله ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ فقال: أنا زيد بن حارثة .
ثم أخذها جعفر بن أبي طالب وهو من الذين قدموا من الحبشة قدموا في سنة سبع وحضروا فتح خيبر ثم بعد ذلك جهزهم النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة في غزوة مؤتة أخذ الراية بعد ما قتل زيد فقاتل حتى قتل، ثم أخذها بعده ابن رواحة عبد الله بن رواحة الأنصاري الشاعر المشهور، ولما أخذها قاتل أيضا حتى قتل؛ وذلك لأن الروم أرسلوا لهم.

line-bottom